مرض الأنتروتكسيميا:
تعتبر الثروة الغنمية في القطر العربي من أهم دعائم الاقتصاد الزراعي حيث أن منتجات الأغنام تستخدم في غذاء الإنسان وكسائه. فالإنسان في القطر العربي السوري يستخدم في غذائه لحوم الأغنام وحليبها ومنتجات الألبان المصنعة من حليبها وأهمها المواد الغذائية التالي: اللبن ، اللبنة، الأجبان ، السمن، الزبدة هذا وإن جميع المواد الغذائية التي سبق ذكرها تعتبر أهم مصدر للبروتين الحيواني في قطرنا وعليه نعتمد في غذاء أطفالنا وتحضير مأكولاتنا الشهية.
أما في كسائنا فلابد لنا من استخدام صوف الأغنام لتصنيع الأقمشة الصوفية الضرورية لتدفئة أجسامنا في الشتاء. كما أننا من جلودها نصنع المعاطف والأحذية الجلدية والفراء الجميلة وغيرها من الألبسة الأنيقة غالية الثمن.
مما تقدم يتبين لنا الأهمية الاقتصادية والغذائية الكبيرة لتربية الأغنام، إذ أن فقدان عدد من أفراد قطيع الأغنام أو القطيع بأجمعه يسبب كارثة لمربي الأغنام خسارة كبيرة على مستوى الاقتصاد القومي للقطر نظراً لأننا حينئذٍ نضطر لاستيراد اللحوم والسمن والأجبان من خارج القطر وندفع ثمنها بالقطع النادر الذي نحن بحاجة إليه لبناء صناعتنا هذا فضلاً عن أننا نخسر قيمة الجلود التي نصدرها خارج القطر ونقبض ثمنها بالقطع النادر.
هناك أمراض وبائية عديدة منتشرة بين الأغنام تسبب نفوق أعداد كبيرة منها سنوياً ومن أهم هذه الأمراض مرض الأنتروتكسيميا أو مرض التذيفن الدموي المعوي وهو مرض ساري أو معدي حيث تنتقل العدوى من الحيوان المريض إلى الحيوان السليم عن طريق الفم بتناول الأغذية الملوثة أو بالرعي في المناطق الموبوءة بالعوامل المسببة للمرض وهي جراثيم لاهوائية تدعى المطثية الحاطمة (كلوستريديوم بيرفرنجنز) تنتشر هذه الجراثيم بشكل واسع في التربة وفي القناة الهضمية للحيوانات وتتميز بقدرتها على طرح ذيفانات (سموم) تختلف حسب نوع العترة الجرثومية وعلى أساس ما تنتجه هذه المطثية من ذيفانات فإنها تقسم إلى ستة أنواع على الأقل:
1- المطثية الحاطمة نوع (أ) تصيب الإنسان بشكل رئيسي وقد وجدت في أمعاء الحملان والعجول.
2- المطثية الحاطمة نوع (ب) تسبب مرض ديسنتريا الحملان وتصيب أيضاً العجول والمهارة.
3- المطثية الحاطمة نوع (ج) تسبب مرض الحوالي (السترك) عند الأغنام كما تسبب مرض التسمم المعوي النزفي عند العجول وتصيب أيضاً بالإضافة إلى الأغنام والماعز والأبقار والخنازير.
4- المطثية الحاطمة نوع (د) : تسبب مرض تلبب الكلي (الكلوة الرخوة) عند الحملان وتصيب أيضاً الأغنام والعجول والأبقار.
5- المطثية الحاطمة نوع (هـ) تسبب ديسنتريا أو تسمم معوي في الحملان والعجول.
6- المطثية الحاطمة نوع (و) تسبب التهاب أمعاء تنكرزي في الإنسان.
مما سبق يتبين لنا بأن مرض التذيفن الدموي المعوي (الانتروتكسيما) ليس مرضاً بسيطاً وإنما مجموعة من الأمراض أهمها ثلاثة هي التي تسببها الأنواع (ب – ج – د) من المطثية الحاطمة. سنتكلم بالتفصيل عن كل منها.
أولاً: مرض ديسنتريا الحملان:
هو مرض معدي يفتك بالحملان والعجول والمهارة الفتية ويحدث المرض بشكل إصابة حادة أو غير الحادة للحيوانات التي لايتجاوز عمرها الثلاث أسابيع، وقد تحدث إصابات حتى الأسبوع العاشر من العمر تسببه المطثية الحاطمة نوع (ب) هذا المرض منتشر في كثير من بلاد العالم ويوجد في القطر العربي السوري.
تنتقل العدوى من الحيوان المريض إلى الحيوان السليم عن طريق الفم أي تناول غذاء ملوث ليس من الضروري حدوث المرض مباشرة بعد دخول الجرثوم إلى جسم الحيوان فقد يبقى العامل المسبب داخل القناة الهضمية حتى تتوفر العوامل الممهدة للإصابة وهي الطقس البارد في المناطق التي توضع فيها النعاج محصورة للولادة.
أعراض المرض:
مدة الحضانة ساعات قليلة: في الحالات الحادة تنفق كثير من الحيوانات قبل أن تظهر عليها أعراض الإسهال أما إذا شوهد الإسهال فيكون البراز سائلاً مخضباً بالدم.
في الحالات تحت الحادة يشاهد إسهال مائي مخضب بالدم مع ابتلال مؤخرة الحمل ويصحب خمول وانحطاط وضعف وتحدث الوفاة حتماً خلال فترة قصيرة تتراوح بين عدة ساعات حتى ثلاثة أيام. نسبة النفوق 100%.
عند فتح جثة الحمل النافق يشاهد التهاب معوي نزفي مع وجود مناطق كثيرة متقرحة في جدار الأمعاء الدقيقة والغليظة قد يصل قطرها حتى 2.5 سم وعمقها حتى الطبقة العضلية. تكون هذه المناطق محاطة بنزف دموي ، أما في القولون فتشاهد مناطق شديدة الالتهاب، وتتضخم بعقد بلغمية في التجويف البطني وتتوزم كما يتضخم الكبد ويصبح هشاً.
هذا ويعتمد تشخيص المرض في المخابر على عزل الجرثوم وإثبات وجود الذيفانات الخاصة في رشاحة الأمعاء. لذلك يجب إرسال قطعة من الأمعاء قبل ربطها من الطرفين وخاصة في منطقة اتصال الأمعاء الدقيقة مع القولون.
الوقاية من المرض والسيطرة عليها:
1- التأكيد على اتخاذ جميع الإجراءات الصحية الجيدة والعناية التامة بالأمهات عند الولادة كما يجب عدم إهمال العناية بالمواليد.
2-
2-1- تحصين النعاج الحوامل قبل الولادة بلقاح المزرعة الكامل المعامل بالفورمالين والذي يحتوي على الذيفانات والجراثيم.
2-2 – أو يجري التحصين بلقاح الذيفان اللاسمي المرسب بالشبه حيث تعطى النعاج جرعتين بفاصل أربعة إلى خمسة أسابيع وتكون الجرعة الثانية قبل الولادة بأسبوعين فتتجمع الأجسام المناعية في اللبأ الذي يؤمن للوليد حماية كافية خلال الأسابيع الثلاثة الأولى من حياته وهي المرحلة الخطرة.
3- يمكن إعطاء الحملان المصل المضاد بعد الولادة مباشرة.
4- إعطاء الحملان مركبات المضادات الحيوية واسعة الطيف بعد ستة ساعات من الولادة وتتبع بجرعة أخرى عن طريق الفم فور ظهور أية أعراض.
ثانياً : مرض الحوالي أو السترك:
أما المرض الهام الثاني من مجموعة أمراض الانتروتكسيما ( أو التذيفن الدموي المعوي) هو مرض الحوالي أو السترك والذي تسببه جراثيم المطثية الحاطمة نوع (ج). هذا المرض يصيب الأغنام البالغة والتي تتراوح أعمارها بين سنة وسنتين.
ويحدث المرض بشكل حاد ويتميز بأعراض تذيفن دموي معوي ومساريقي (الأمعاء والبريتوان) يظهر المرض غالباً في الشتاء والربيع.
ينتشر المرض في بعض الدول الأوروبية والآسيوية والولايات المتحدة ويعتقد بوجود هذا المرض في القطر العربي السوري رغم أنه لم يجر حتى الآن تشخيصه مخبرياً.
تنتقل العدوى عن طريق الفم . ويصيب المرض إضافة إلى الأغنام البالغة الحملان والعجول الرضيعة بعمر أقل من أسبوعين ويكون المرض في هذه الحيوانات شديد يفتك بالحيوان المصاب ويميته. ويتميز بحدوث المرض بشكل مفاجئ وبأعراض التهاب معوي نزفي شديد إسهال ينتهي بالنفوق المبكر. هذا والجدير بالذكر أن الحيوانات الفتية التي تصاب تكون مولودة من أمهات جيدة الحلابة أي تعطي كمية كبيرة من الحليب.
أعراض المرض:
قد يموت الحيوان بشكل مفاجئ دون أن نلاحظ عليه أي أعراض، أما الأعراض التي يمكن ملاحظتها على الحيوان المصاب فتكون على شكل قلق وتوقف عن الطعام والبؤس وأعراض المغص الحاد كالحركة الدائمة ورفس البطن والتشنجات . الإسهال المدمى قد يحدث أولا يحدث. أما سير المرض فقد يمتد من ساعتين وحتى 24 ساعة حيث ينتهي بالنفوق، تبقى درجة الحرارة طبيعية أو تحت الطبيعية.
قد تحدث إصابات خفيفة غير مميتة ولكن الحيوانات الشافية يبقى وزنها دائماً أقل من الوزن الطبيعي ويبدو عليها الهزال ولكن مستوى الأجسام المضادة للذيفان يكون مرتفعاً في دمها.
عندما نجري تشريحاً لجثة الحيوان النافق مباشرة بعد النفوق فإننا نلاحظ الآفات التالية:
1- تقرح وموات (تنكرز ) في الغشاء المخاطي للأمعاء الدقيقة وقد يكون جزء كبير من الغشاء المخاطي للأمعاء الدقيقة مفقوداً.
2- التهاب بريتوني حاد وامتلاء لفراغ البرتوني بسائل مصلي يتخثر عند تعرضه للهواء.
3- قد يشاهد نزف في العقد البلغمية وتحت الشفاف والتامور.
4- إذا ما تأخرنا بإجراء الصفة التشريحية لعدة ساعات فإننا نلاحظ حينئذٍ ظهور وزمة على العضلات الهيكلية تشبه تلك التي نشاهدها في مرض الوزمة الخبيثة.
يتم التشخيص حقلياً بملاحظة عمر الحيوانات المصابة والأعراض السريرية والتشريحية.
أما في المخبر فيتم التشخيص بعزل العامل المسبب من محتويات الأمعاء وتحديد الذيفان النوعي في رشاحة محتويات الأمعاء.
الوقاية من المرض والسيطرة عليه:
1- يمكن السيطرة على المرض بتلقيح الأمهات خلال السنة الأولى من حياتها بحيث تعطى الجرعة الثانية قبل الولادة بحوالي شهر تقريباً ثم تعطى جرعة داعمة سنوياً للإناث البالغة.
2- تعطى الحملان المولودة من أمهات غير محصنة مصلاً مضاداً بعد الولادة مباشرة.
3- يمكن استخدام إما لقاح المزرعة الكامل المعامل بالفورمالين أو لقاح الذيفان اللاسمي المرسب بالشبه.
ثالثاً : مرض تلبب الكلي أو الكلوة الرخوة:
هذا المرض يعتبر أهم الأنواع التي تسببها جراثيم المطثية الحاطمة وهذا المرض يسببه نوع (د) ويطلق عليه مرض تلبب الكلي أو مرض الكلوة الرخوة كما يسمى أيضاً مرض التخمة وسوف نرى سبب هذه التسمية.
مرض تلبب الكلي هو مرض حاد فتاك يصيب أساساً الأغنام وبشكل أقل الماعز ونادراً ما يصيب الأبقار وتصاب خاصة الحيوانات الفتية الرضيعة منها بعمر أقل من أسبوعين أو المفطومة التي تعلف بالحبوب الغنية بالمواد النشوية ونادراً مايصيب الأغنام التي ترعى طليقة بالبادية.
هذا المرض منتشر بكل واسع في جميع أنحاء العالم ويتواجد العامل المسبب في التربة وداخل القناة الهضمية لجميع الحيوانات ذات الدم الحار وتنتقل العدوى إلى الحيوانات الفتية من هذه الحيوانات التي تنقل المرض دون أن تصاب به يوجد المرض في القطر العربي السوري حيث ينتشر بين أغنام التسمين والحملان التي ترضع كمية زائدة من الحليب ونادراً مايصيب الحملان التوائم.
العوامل الممهدة للإصابة:
أهم العوامل الممهدة للإصابة هي التالية:
1- رعي الأمهات في مراعي جيدة أو تغذيتها على الحبوب وخاصة في الشتاء.
2- إطعام الأغذية المركزة للحملان بكثرة بغية تسريع نموها.
3- إطعام الحملان الإجباري ( كأن يدخل الطعام إلى الفم وإجبار الحمل على بلعه).
4- عند تغيير العليقة في الأغنام اليافعة إلى عليقة مركزة أو إذا تناولت الأغنام طعاماً زائداً أثناء فصل الصيف وفي الأجواء الحارة.
5- إطعام الحملان الرضيعة كميات زائدة من الحليب فتحدث التخمة وبالتالي تصاب الحملان بالمرض. لذلك نادراً ما تصاب التوائم لأن حليب أمهما لاتكفي لتغذيتهما وإحداث التخمة عندهما.
6- إطعام كميات زائدة من النشويات يهيئ البيئة والوسط المناسب لتكاثر الجراثيم وإفراز ذيفاناتها التي تسبب مرض التذيفن الدموي المعوي.
أعراض المرض:
1- كثيراً مايوجد الحيوان ميتاً في الصباح دون أن يشاهد عليه سابقاً أي أعراض.
2- في الحالات التي يمكن مشاهدة أعراض عليها فإن الأعراض السريرية هي عبارة عن إرهاق شديد، انحطاط قوي، تهيج ، رجفان، سيلان لعابي غزير ، تحريك الفك، انفتال العنق، دوران الحيوان، يسند الحيوان جسمه على أي شيء ثابت (كالجدران ، والأعمدة ، الخ..) وبعض الحيوانات تقفز في الهواء عدة قفزات حتى تسقط أخيراً على الأرض وتموت وجسمها يرتعش.
3- يمكن أن يشاهد إسهال في أية مرحلة من مراحل المرض.
4- ربما ترتفع درجة الحرارة درجة أو درجتين ولاسيما في الحالات التي يبدو عليها أعراض عصبية.
5- بعض الحالات التي تبدي إسهال مزمن يمكن أن تهزل ثم تشفى.
أما الآفات التي تشاهد عند تشريح جثة الحيوان النافق فهي كالتالي:
أ- عندما يحدث نفوقاً مفاجئاً فلانشاهد أي آفات تشريحية مرضية.
ب-يشاهد أحياناً نزف نقطي أو بقع نزفية على الغشاء المصلي للبريتون والتامور والأمعاء وعضلات البطن والحجاب الحاجز وغدة التيموس.
ت-تحتقن الكلوة وتنتفخ وتصبح حمراء داكنة اللون وفي غضون 3-4 ساعات تصبح رخوة وهشة ومن هنا جاءت تسمية المرض (الكلوة الرخوة).
ث-هناك آفات أخرى تشاهد أيضاً كتجمع السوائل في التامور وغيرها.
التشخيص:
يعتمد التشخيص الحقلي على تاريخ الحالة والأعراض والصفة التشريحية أما في المخبر فيعتمد على عزل العامل المسبب من محتويات الأمعاء وتصنيف الذيفانات الخاصة للنوع (د) من رشاحة محتويات الأمعاء وذلك باختبار التعادل الذي تجريه على الفئران.
العلاج:
يصعب معالجة الحالات المصابة نظراً لسرعة النفوق الذي قد يحدث قبل ملاحظة الأعراض. وتعتمد مكافحة أنواع مرض الانتروتكسيميا على الوقاية والتحكم.
أ - الوقاية:
تعتمد الوقاية على طرق التربية ورعاية الحيوانات:
1- يجب تجنب التغيير المفاجئ في التغذية كماً ونوعاً ويجب أن يتم ذلك تدريجياً حيث تعطى الحيوانات التبن لفترة أسبوع قبل نقلها إلى المراعي.
2- يجب تخفيض كمية الحبوب في العليقة عند ظهور أول إصابة في القطيع ثم ترفع بعد ذلك تدريجياً عندما يبدأ المرض بالاختفاء.
3- وجد تخفيض كمية الغذاء للنعاج يقلل نسبة حدوث المرض في الحملان.
ب_ التحصين:
1- يوجد نوعين من اللقاحات النوعية ، لقاح المزرعة الفورماليني الكامل ولقاح الذيفانات المنزرعة السمية، حيث يجري تحصين النعاج بجرعتين:
الجرعة الأولى: عند فترة التحنين.
الجرعة الثانية: قبل الولادة بأسبوعين.
2- يوجد لقاح متعدد الأنواع يحمي الحيوانات ضد مرض دسنتريا الحملان والسترك وتلبب الكلي. أي ضد جميع أنواع التذيفن الدموي المعوي.
3- يوجد لقاح جامع مرسب للأغنام ، يحمي الحيوانات ضد أنواع الانتروتكسيميا والجمرة العرضية والمرض الأسود والوذمة الخبيثة.
مما سبق نرى أن مرض الانتروتكسيميا أو مجموعة أمراض التذيفن الدموي المعوي هو مرض تربوي غذائي أي أن طرق التغذية والعناية الصحية بالنعاج والحملان تقلل كثير من نسبة النفوق بين قطعان الأغنام .
ويجب أن يتم تلقيح الأغنام قبل حدوث المرض لكي تكتسب المناعة الكافية لتحميها من الإصابة. هذا ويفضل استخدام اللقاح متعدد الأنواع في المناطق التي لايوجد فيها تشخيص مؤكد لنوع الجرثوم.
أخيراً أحب أن أؤكد بأن المعلومات الواردة في هذه النشرة هي معلومات مركزة وملخصة عن مرض الانتروتكسيميا. ولابد من إجراء استقصاء عن هذا المرض في معظم أماكن تربية الأغنام في القطر لمعرفة مدى انتشار هذا المرض وإنتاج لقاح نوعي من عترات محلية من جراثيم المطثية الحاطمة ( الكلوستريديوم بيرفزنجنز) حيث تكون فعالية اللقاح في هذه الحالة أقوى.